من "شمو" إلى رائحة الفسيخ.. التفاصيل الكاملة لقصة الاحتفال بشم النسيم

أرشيفية
أرشيفية

عيد شم النسيم ليس مجرد مناسبة موسمية يحتفل بها المصريون كل عام، بل هو تقليد ضارب في عمق التاريخ، تنبع جذوره من حضارة الفراعنة العريقة.

هذا اليوم الذي ينتظره الناس مع بداية فصل الربيع، يشكل مزيجًا رائعًا من الطقوس القديمة والعادات المتوارثة التي صمدت آلاف السنين، حتى بات الاحتفال به اليوم شاهداً على التواصل الثقافي بين الماضي والحاضر.

 

فما أصل التسمية؟ وما هي العادات التي رافقت هذا العيد عبر العصور؟

أصل التسمية من الحصاد إلى الربيع

يرجع تاريخ الاحتفال بشم النسيم إلى أكثر من خمسة آلاف عام، وتحديدًا إلى أواخر الأسرة الثالثة في الحضارة الفرعونية، حين كان المصريون يحتفلون بما أطلقوا عليه في لغتهم القديمة اسم "شمو"، والذي يعني موسم الحصاد.

ومع مرور الزمن، وتداخل الثقافات، تحوّل هذا الاسم إلى "شم" في العصر القبطي، ثم أضيفت إليه كلمة "النسيم" للدلالة على نسمات الربيع العليلة التي تهب في هذا التوقيت من السنة، فصار يُعرف باسم "شم النسيم".

الاحتفال وسط الطبيعة

من أبرز ملامح الاحتفال التي تعود إلى العصور الفرعونية هو الخروج في الهواء الطلق وسط الحدائق والحقول.

كان المصريون القدماء يرون في الطبيعة حياة متجددة وقوة تحفزهم على البهجة والانطلاق، فاعتادوا أن يمضوا هذا اليوم بين الزهور والأشجار، يحتفلون ببداية موسم جديد محمل بالأمل والخير.

 

رمزية الأطعمة التقليدية في شم النسيم

لا يكتمل هذا العيد دون تناول مجموعة من الأطعمة ذات دلالات رمزية عميقة تعود إلى العصور القديمة.

الفسيخ، وهو السمك المملح، كان يُعد من الأطعمة الأساسية لدى الفراعنة الذين عرفوا فنون حفظ الطعام بالتجفيف والتمليح.

أما البيض الملون، فكان يرمز إلى خلق الحياة من العدم، وكان المصريون يكتبون عليه أمنياتهم ويتركونه في سلال على أسطح البيوت حتى تشرق عليه الشمس.

الخس كان يرمز للخصوبة والنماء، والبصل كان يُستخدم لطرد الأرواح الشريرة، في حين أن الحمص الأخضر كان دلالة على البركة وبدايات الخير.

عادات لا تزال حية في وجدان المصريين

رغم تغير الأزمنة وتبدل الثقافات، لا تزال طقوس شم النسيم قائمة حتى اليوم، إذ يتجه ملايين المصريين كل عام إلى المتنزهات والحدائق، محملين بسلال الطعام، ويقومون بتلوين البيض مع أطفالهم، ويتناولون الرنجة والفسيخ، وكأنهم يعيدون إحياء طقوس أجدادهم الفراعنة.

ويجمع هذا العيد بين جميع أطياف المجتمع المصري، حيث يُحتفل به بشكل شعبي لا يرتبط بدين أو طائفة، ما يعكس روح الوحدة والتواصل التي يتفرد بها الشعب المصري.

 

عيد يحمل روح الحضارة

شم النسيم ليس فقط يومًا للمرح والتنزه، بل هو مرآة لحضارة أبدعت في الاحتفال بالحياة.

ومن خلال هذا اليوم، يبعث المصريون برسالة إلى العالم مفادها أن جذورهم التاريخية لا تزال تنبض بالحياة، وأن تراثهم الثقافي هو مصدر فخر يتجدد كل ربيع.

تم نسخ الرابط