مراحل تغير الكوميديا في السينما المصرية.. مخرجون ونقاد يروون القصة لـ"وشوشة"‎

وشوشة

على مدار عقود، ظلت الكوميديا في السينما المصرية واحدة من أكثر الأشكال الفنية قربًا لوجدان الجمهور، لكنها في الوقت نفسه لم تسلم من موجات التطور والتحول التي فرضتها المتغيرات الاجتماعية والثقافية.

ورغم اختلاف الأساليب والأجيال، بقي الجوهر الإنساني والبساطة محور هذا الفن، وهو ما يؤكده عدد من صناع السينما والنقاد الذين تحدثوا عن مسيرة الكوميديا من زمن إسماعيل ياسين وحتى جيل هنيدي وحلمي.

 

خالد دياب: الكوميديا تطورت

أكد المخرج خالد دياب في تصريح خاص لـ"وشوشة"، أن الكوميديا في السينما المصرية مرت بمراحل تطور كبيرة، بداية من أفلام الفنان الكبير إسماعيل ياسين، وصولًا إلى جيل النجوم المعاصرين مثل أحمد حلمي ومحمد هنيدي، موضحًا أن لكل حقبة طابعها الخاص الذي يعبر عن ظروفها الاجتماعية والثقافية.

وقال دياب: “الكوميديا مش كل حاجة في الفن. الفن أشمل وأوسع من مجرد إضحاك الجمهور، هو كمان رسالة وقيمة وتعبير عن قضايا الناس”.

وأضاف: “طبعًا الكوميديا اتغيرت عن زمان، وكل فترة ليها طريقتها وطابعها، في زمن إسماعيل ياسين كانت الكوميديا بسيطة وتعتمد على الموقف، بينما دلوقتي بتختلف حسب المؤلف اللي بيكتب العمل، وكل واحد بيحاول يلاقي لنفسه مساحة يتميز بيها، عشان يبقى بطل نفسه”.

وأشار إلى أن اليوم، يبحث الفنان عن شخصية تبرزه بمفرده، مضيفًا: "مش بس ضمن مجموعة، وده خلق نوع من التنوع في الأعمال الكوميدية، لكنه في نفس الوقت خلى فيه تحديات أكبر قدام الفنانين عشان يحافظوا على القبول الجماهيري ويقدموا حاجة جديدة ومختلفة”.

واختتم دياب حديثه قائلاً: “مهم إن الكوميديا تتطور مع الزمن، لكن الأهم إننا مانفقدش جوهرها الإنساني البسيط اللي كان بيخليها قريبة من الناس دايمًا”.


ومن جانبها، أكدت الناقدة ماجدة خير الله في تصريح خاص لـ"وشوشة"، أن الكوميديا في السينما المصرية تطورت نسبيًا مع تغير العصور، إلا أن جوهرها ظل ثابتًا منذ أيام إسماعيل ياسين وحتى جيل أحمد حلمي ومحمد هنيدي.

وقالت خير الله :“الكوميديا بتختلف حسب العصر والفترة، لكن فكرة البطل الطيب الذي تدور حوله الأحداث لم تتغير، من أيام إسماعيل ياسين وحتى اليوم، ما زال البطل هو الشخص الطيب الذي يقع في المشاكل نتيجة لطباعه الطيبة، الفارق فقط في نوعية الممثل وطريقة أدائه والظروف المحيطة به”.

وتابعت خير الله: “فن الكوميديا عندنا لم يتطور بشكل كبير بحيث يعتمد على المواقف وتصويرها بشكل عصري، لا تزال الكوميديا تعتمد بدرجة كبيرة على ظرف الممثل وقدرته على الإضحاك، أكثر من اعتمادها على بناء المواقف الكوميدية الحديثة”.

وأضافت: “التغير الذي حدث مع مرور الزمن كان في الشخصيات المساندة للبطل وفي تفاصيل الأحداث، أما طبيعة الكوميديا نفسها فهي لم تتغير”.

وفي سياق متصل، قال الناقد الفني أحمد سعد الدين في تصريح خاص لـ"وشوشة"، إن الكوميديا في السينما المصرية مرت بتحولات كبيرة، تعكس تغير مفردات الضحك ومزاج الجمهور عبر العقود المختلفة، بدءً من أفلام إسماعيل ياسين وصولًا إلى كوميديا أحمد حلمي ومحمد هنيدي.

وأوضح سعد الدين: “لكل عصر مفرداته وقفشاته الخاصة التي تضحك الناس، ففي الأربعينيات وبداية الخمسينيات، كان المجتمع المصري يغلب عليه الطابع الشعبي مع نسبة كبيرة من غير المتعلمين، مما جعل الكوميديا المباشرة لإسماعيل ياسين تحقق نجاحًا ضخمًا، ورغم أن إسماعيل ياسين بدأ بتقديم عروضه المباشرة بدعم من الكاتب أبو السعود الإبياري، إلا أن كوميدياه لم تتطور مع دخول الستينيات".

وأضاف: “مع بداية الستينيات، بدأ يظهر توجه جديد للكوميديا يعتمد على الكوميديا الموقفية أكثر من الاكتفاء بالنص المباشر، وهو ما جسده فؤاد المهندس من خلال مسرح التلفزيون، حيث كانت الكوميديا تعتمد على الموقف أكثر من الكلمات نفسها".

وتابع سعد الدين حديثه عن تطور الكوميديا قائلًا: “في السبعينيات والثمانينيات، ظهر جيل جديد بقيادة عادل إمام وسعيد صالح، جيل "مدرسة المشاغبين" الذين أبدعوا في مزج كوميديا الموقف مع كوميديا الإفيه، وهي المرحلة التي احتل فيها هذا الجيل المسرح والسينما".

وأشار إلى أنه في منتصف التسعينيات، مع صدور فيلم إسماعيلية رايح جاي، حدث تحول مهم في الكوميديا السينمائية، قائلًا: “انطلقت موجة كوميدية جديدة قادها محمد هنيدي، ومحمد سعد، وأحمد حلمي ومع ذلك، تراجع الحضور المسرحي بشكل كبير، ورغم النجاح الكبير في السينما، إلا أن الكوميديا اتجهت بشكل أكبر إلى الإفيه والنكتة السريعة، التي قد تبهج الجمهور لحظيًا لكنها لا تصمد مع مرور الوقت".

وعن مسيرة أحمد حلمي تحديدًا، قال سعد الدين: “ما بين عامي 2001 و2010، كان أحمد حلمي ذكيًا جدًا، ركز على الأطفال وكبر معهم، قبل أن ينتقل إلى تناول الكوميديا السوداء، لكنه مثل زملائه محمد هنيدي ومحمد سعد، لم يستطع الاستمرار بنفس الزخم حتى اليوم، مما يشير إلى وجود أزمة كبيرة في كتابة الكوميديا في مصر".

تم نسخ الرابط