كأن الربيع موعدُهما… جاهين وسعاد والدنيا بتغني

وشوشة

هناك ذكريات لا تأتي في موعدها…
بل في توقيت أشد صدقًا من المواعيد.
وما بين بهجة شم النسيم، وظل أغنية “الدنيا ربيع”،
تأتي ذكرى صلاح جاهين هذا العام…
كما لو كان الربيع جاء ليبحث عنه،
لا ليحتفل بنا.

“الدنيا ربيع” ليست مجرد أغنية نرددها كل شم نسيم…
هي صوت بلد بتدوّر على الفرحة،
وصوت شاعر كان شايف النور في عزّ العتمة،
وكان بيكتب للناس كأنهم صحابه… وللحزن كأنه حبيبه.


في “الدنيا ربيع”، لم يكن صلاح جاهين يكتب أغنية…
كان يزرع بهجة في أرضٍ مُتعبة، ويمنح الناس تذكرة مجانية للفرح، ولو لدقائق.

كلمات الأغنية بدت بسيطة، لكنها تحمل روح شاعر يُدرك أن الفرح لا يُخترع، بل يُنتزع…وأن البهجة موقف، مثلها مثل الحزن،يمكنك أن تختارها، حتى وإن لم يكن لها سبب واضح.

في هذا الربيع تحديدًا، يعود جاهين إلينا لا بوصفه شاعرًا،
بل كرفيق قديم للذاكرة…نستعيده حين نحتاج لما يُربّت على قلوبنا دون أن يعظ، أو يطلب شيئًا في المقابل.

وسعاد حسني..
كانت صوته الآخر، النغمة التي تحوّلت إلى وجه،
هي لم تُغنّ “الدنيا ربيع” فقط،
بل غنّت جاهين نفسه…
غنّت خياله، ضحكته، قلبه المُثقل بالبُهجة والقلق معًا.

إن تزامن ذكرى رحيل صلاح جاهين هذا العام مع شم النسيم ليس مجرد مصادفة تقويم، بل محض حكمة شعرية من الحياة، تُدرك أن بعض الأرواح لا يليق بها إلا أن تُستعاد في مواسم الضوء.

صلاح جاهين لم يكن شاعرًا “للمناسبات”، بل شاعرًا للمُعاناة الجميلة… التي نعيشها بابتسامة، ونعبُرها بجملة قصيرة،ثم نقول بعدها، كما علّمنا:
“عجبي.”

تم نسخ الرابط