نور الشريف.. في عيد ميلاده يتجدد حضور “آخر الرجال المحترمين"

في كل زمن، يظهر رجال يتركون بصمة لا تزول…
رجال لا يمرون عابرين بين الناس، بل يسكنون الذاكرة، يتركون أثراً من نور، ودرساً في الشهامة، والصدق، والاحترام.
وكان نور الشريف واحدًا من هؤلاء… بل كان “آخر الرجال المحترمين”.
لم يكن مجرد نجم يتألق على الشاشات، ولا مجرد ممثل يحفظ أدواره ويؤديها… كان إنسانًا يعيش كل شخصية كأنها جزء من قلبه. كان يصنع من كل عمل رسالة، ومن كل دور درسًا في الإنسانية.
اختار أن يكون فناناً بفكره قبل صوته، بقيمه قبل ملامحه،
أن يمثل بروح الباحث عن الحقيقة، لا العابر وراء الشهرة،
أن يمشي وسط الحياة لا من أجل أن يُصفق له الناس، بل من أجل أن يحترم نفسه أولاً، ويحترم كل من صدقوه وآمنوا به.
“آخر الرجال المحترمين” لم يكن مجرد فيلم قدمه نور الشريف في مسيرته، بل كان انعكاسًا خفيًا لشخصيته الحقيقية:
رجل نادر، راقٍ في زمن تغيرت فيه الموازين،
محترم في اختياراته، في حضوره، في صمته وكلماته.
كان يزن كل دور بميزان من ثقافة عميقة وضمير يقظ، يرى الفن مسؤولية قبل أن يكون متعة، ويرى الموهبة نعمة لا تُهدر في التكرار أو الزيف.
تعلم من الزمن البسيط في السيدة زينب، ومن الكتب، ومن المسرح، ومن معاناة البسطاء، فحمل قصصهم في ملامحه، وصاغها في كل مشهد لعبه بصدق لا يُشبه إلا نفسه.
في ذكرى ميلاده، لا نرثي نور الشريف، بل نحتفي به.
نحتفي بإنسان مثقف، واعٍ، جعل من كل دور صرخة حب للحياة، وصورة وفاء للصدق، وشهادة حية أن الفنان يمكن أن يكون محترمًا في زمن الصخب.
رحل نور الشريف عن دنيانا بجسده، لكنه باقٍ بنوره…
باقٍ في أرواحنا، في مشاهد ما زالت تبكينا وتضحكنا، في دروس إنسانية تهمس في قلوبنا كلما شاهدنا ملامحه تملأ الشاشة:
أن تكون فناناً عظيماً شيء،
وأن تكون إنساناً عظيماً… شيء لا يقدر عليه إلا الكبار حقًا.
تحية حب وتقدير، لآخر الرجال المحترمين… نور الشريف.