رحلة محمود مرسي – هل كانت أعمق من رحلة أبو العلا البشري؟

محمود مرسي
محمود مرسي

في ذكرى رحيله، نعيد فتح الدفاتر،
ونمشي وراء خطوات هادئة، لكنها صنعت أثرًا لا يُمحى.

في حياة كل فنانٍ عظيم، هناك رحلة…
لكن قلّة فقط هم من يجعلون من رحلتهم سيرة تستحق التأمّل، كأنها مرآة لما نحن عليه، ولما كنّا نتمنى أن نكونه.
محمود مرسي… لم يكن مجرد فنان.
كان صاحب رحلة، وربما كانت تلك الرحلة أعمق من كل ما مثّله

رحلة محمود مرسي… لم تكن مسيرة فنية فقط،
بل كانت حياة تتقاطع فيها الفلسفة مع الفن، والهيبة مع الصمت، والمبدأ مع المجد.

لم يكن محمود مرسي ممثلًا فقط…
بل كان حضورًا يفرض على الكاميرا أن تصمت.
حين يدخل المشهد، لا يحتاج أن يرفع صوته،
يكفي أن ينظر… أو يسكت،
لتشعر أن ما تراه ليس تمثيلًا، بل حياة تُعاد ببطء وبوقار.

كان نادرًا… كهيبة البحر في الصمت،
وكأن ما بين ملامحه، سرّ لم يُفكّر في كشفه…
ولم يكن بحاجة إلى شهرة،
يكفي أن يكون… فيعرفه الجميع.


الرحلة الأولى: “بين الفلسفة والغربة”
من شوارع الإسكندرية الهادئة، خرج فتى يحمل داخله أسئلة أكثر مما يحتمل عمره.
درس الفلسفة، وسافر ليبحث عن ذاته في فرنسا ثم بريطانيا…
لكنه لم يتنازل عن مبادئه.
رفض أن يبيع صوته ليهاجم وطنه خلال العدوان الثلاثي، فعاد… رجلًا قبل أن يكون فنانًا.

 

الرحلة الثانية: “على هامش الضوء”
لم يكن عاشقًا للكاميرات…
اختار العتمة على الشهرة،
والنُبل على البريق.
كان بإمكانه أن يصبح نجمًا جماهيريًا…
لكنه اختار أن يكون “الأستاذ”،
الذي يُدرّس الفن، ويعلّمه بالصمت والقدوة


الرحلة الثالثة: “حين تكلم الصمت”
في فيلم “الليلة الأخيرة”،
وفي “أغنية على الممر”،
وفي “شيء من الخوف”…
لم يكن يمثل، بل كان ينسج حياة كاملة في نظرة،
كل جملة منه كانت فكرة…
وكل سكون… موقف.

 

الرحلة الرابعة: “أبو العلا البشري… والمرآة”
حين جسّد شخصية “أبو العلا”،
لم يكن يقدم دورًا، بل كان يراجع نفسه.
سافر بنا من خلاله إلى عمق النفس،
ليقول إن المبادئ لا تموت…
وأن الصمت أحيانًا أعلى صوتًا من الخطابة.

 

الرحلة الأخيرة: “الانسحاب الكبير”
انسحب بصمت، كما عاش…
ودّع الدنيا وهو يصور آخر مشاهده،
وكأن الحياة أدركت أنه اكتفى…
فأغلقت عليه الستار باحترام.

كان شامخًا بلا ضجيج، نادرًا بلا استعراض، فنانًا من طراز لا يُكرر.
وكل من مرّ أمام أدائه… تعلّم أن البصمة لا تحتاج إلا إلى الصدق

تم نسخ الرابط