من هاملت إلى ماسبيرو… حين يلتقي شكسبير بمحمد صبحي على خشبة الوعي

محمد صبحي
محمد صبحي

في ذكرى رحيل ويليام شكسبير، لا نتذكر فقط كاتبًا كتب أعظم التراجيديات في التاريخ… بل نتذكر كيف يمكن للكلمة أن تُنير، وللمسرح أن يُربّي أجيالًا.

وفي اليوم نفسه، يتكرّم الفنان الكبير محمد صبحي على مسرح ماسبيرو، بعد سنوات طويلة من الغياب… وكأن القدر أراد أن يجمع بين صوتين، أحدهما أتى من بريطانيا في القرن السادس عشر، والآخر خرج من قلب مصر، وظل لسنوات يتحدث إلى الناس بلهجة صادقة وبأسلوب يُشبههم

شكسبير لم يكتب فقط عن الملوك، كتب عن الناس… عن الخيانة، والحب، والغيرة، والجنون، والحلم. كتب عن الهشاشة التي بداخل كلٍّ منا، وعن السؤال الأبدي: “أن تكون أو لا تكون”.

ومحمد صبحي لم يُمثّل فقط “هاملت”، بل عاشه بطريقته… نقل لنا الصراع، والدهشة، والخذلان، وحوّل النص الإنجليزي إلى مرآة نرى فيها أنفسنا، نحن أبناء هذا العصر، وهذه الأرض.

شكسبير كتب “روميو وجولييت” فصار رمزًا للعاشقين… وصبحي كتب وقدم “وجهة نظر”، فصار صوتًا للمنسيين.
شكسبير صرخ في “الملك لير” أن الإنسان بلا قلب لا يساوي شيئًا، وصبحي صرخ في “خيبتنا” أن الإنسان بلا وعي لا مستقبل له.

وفي مشهد نادر جمع بين الماضي والحاضر، بين الكلمة التي وُلِدت في لندن والوجدان الذي تربّى في القاهرة، وقف محمد صبحي يُكرّم داخل مبنى ماسبيرو، لا كممثل فقط، بل كواحد ممن كتبوا سطورًا في ذاكرة هذا الوطن.

هذا هو المعنى الحقيقي أن نُكرّم فنانًا… أن نقول له: أنت لم تكن مجرد صورة على الشاشة، كنت ضميرًا حيًّا فوق الخشبة… وما قلته لم يكن مجرد دور، بل رأيًا، وموقفًا، وقيمة.

في يوم رحيل شكسبير… وفي لحظة تكريم صبحي، نُدرك أن الفن لا يموت، وأن المسرح لا يتقادم… وأن الكلمة الصادقة تظل قادرة على أن تُشعل نورًا، حتى ولو مرّ على ولادتها قرون.

فشكرًا شكسبير…
وشكرًا محمد صبحي…
لأنكما آمنتما أن الفن ليس رفاهية، بل حياة.

تم نسخ الرابط