في ذكرى رحيله.. سيد مكاوي "شيخ الملحنين" الذي أبكى الفن قبل جمهوره

سيد مكاوي
سيد مكاوي

تحل اليوم ذكرى رحيل الموسيقار الكبير الشيخ سيد مكاوي، أحد أبرز رموز الموسيقى العربية، والذى غاب عن عالمنا فى مثل هذا اليوم 21 أبريل عام 1997، بعد رحلة عطاء فني امتدت لعقود، ترك خلالها إرثاً لا ينسى من الألحان والأغاني التي ما زالت تلامس وجدان الملايين.

يعد الراحل سيد مكاوي من أبرز عباقرة الموسيقى والغناء في مصر والعالم العربي، حيث تميز بصوته المعبر وألحانه الفريدة التي جسدت إحساسه العميق، وكان يعرف بلقب "الشيخ سيد مكاوي" نظراً لخلفيته الدينية التي شكلت بداياته الفنية.

ولد الموسيقار عام 1928 في حي الناصرية بمنطقة السيدة زينب، وفقد بصره في سن مبكرة، وهو ما شكل منعطفاً كبيراً في حياته، حيث دفعته أسرته إلى حفظ القرآن الكريم، وبدأ في قراءة القرآن الكريم ورفع الأذان داخل المساجد القريبة من منزله مثل مسجد "أبو طبل" و"الحنفي" في نفس الحي.

ورغم إعاقته البصرية، كان مكاوي يتمتع بذكاء فطري ونباهة واضحة، حيث تمكن من تحويل إحساسه الدقيق بالموسيقى إلى لغة عالمية، كانت أذنه مرصاداً فنياً لكل نغمة وإيقاع، ما جعله أحد أهم من ساهموا في تشكيل وجدان المستمع العربي.

ويعتبر سيد مكاوي من أوائل من أدخلوا الأغنية الجماعية إلى الإذاعة المصرية، حيث تعاون مع الشاعر محمود حسن إسماعيل وقدما معاً أغنية "آمين آمين يا رب الناس"، والتي أصبحت علامة مضيئة في تاريخ الأغنية الجماعية.

وفي حوار نادر أجري مع والدته عام 1955، روت قصة فقدان ابنها للبصر، قائلة إنه كان طفلاً شديد الذكاء والحنان، شديد التعلق بوالده، وإنه بعد وفاة والده لم يتوقف عن البكاء، ما تسبب في تدهور حالته الصحية وفقدانه لبصره بشكل مفاجئ، رغم محاولاتهم المستمرة للعلاج.

لم يكن مشوار سيد مكاوي مقتصراً على الطرب فقط، بل امتد إلى المسرح الغنائي، وكان له حضور مؤثر في التلحين المسرحي، كما ارتبط اسمه بالوجدان الشعبي من خلال شخصية "المسحراتي"، التي قدمها بالتعاون مع الشاعر الكبير فؤاد حداد، واستمر في تقديمها حتى وفاته، مسجلاً بها واحدة من أصدق وأبسط الصور الموسيقية التي حفرت لنفسها مكاناً مميزاً في التراث الرمضاني المصري.

رحل الشيخ سيد مكاوي في 21 أبريل عام 1997، عن عمر ناهز 70 عاماً، تاركاً وراءه مكتبة موسيقية عظيمة، وأعمالاً خالدة لازالت تردد وتدرس، تؤكد أن الفن الحقيقي لا يموت، بل يزداد بريقه كلما مر عليه الزمن.

تم نسخ الرابط