في ذكرى وفاته.. مصطفى أمين "القلم الحر الذي أعاد للمرأة المصرية مكانتها"

تحل اليوم ذكرى وفاة الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين، أحد رواد الصحافة الحديثة في مصر، والذي لم تقتصر بصماته على المجال الإعلامي فقط، بل امتدت إلى أعماق الحياة الاجتماعية والثقافية.
ومن أبرز إنجازاته التي لا تزال تؤثر حتى اليوم، دعمه المتواصل لقضايا المرأة وسعيه لتغيير نظرة المجتمع إليها.
فبين سطور مقالاته ومبادراته، رسم مصطفى أمين ملامح جديدة لصورة المرأة المصرية، وفتح أمامها أبوابًا من التقدير والاعتراف بدورها الحقيقي.
في السطور التالية نستعرض كيف أسهم هذا العملاق الصحفي في إحداث تحوّل مجتمعي بشأن مكانة المرأة، وما الذي جعله رمزًا للوعي والتنوير في زمن كان يخشى فيه الكثيرون من كسر التقاليد.
لم يكن مصطفى أمين مجرد كاتب ينقل الأخبار أو يلاحق الأحداث، بل كان صاحب رسالة إنسانية عميقة، سعى من خلالها لتغيير مفاهيم راسخة، خاصة تلك التي تتعلق بدور المرأة في المجتمع.
وآمن بأن للمرأة دورًا محوريًا لا يقل أهمية عن الرجل، وحرص على أن يكون صوته مدافعًا عن حقوقها وسط مجتمع لم يكن يفتح لها الأبواب بسهولة.
عيد الأم.. فكرة بسيطة غيّرت الوعي الجمعي
في خمسينيات القرن الماضي، جاءت فكرة مصطفى أمين بإطلاق "عيد الأم" كخطوة ثورية في سياق اجتماعي كان يغفل كثيرًا دور الأمهات وتضحياتهن.
انطلقت الفكرة من قصة حقيقية ألهمته، وتحولت سريعًا إلى مناسبة قومية تحتفي بها مصر سنويًا في 21 مارس، لم يكن الهدف مجرد احتفال، بل كان رسالة احترام وتقدير للأمهات، وسعيًا لترسيخ قيم الرحمة والامتنان داخل البيوت المصرية.
عيد الحب.. مساحة جديدة للتعبير عن المشاعر
وفي مبادرة أخرى، أطلق مصطفى أمين دعوة للاحتفال بعيد الحب في الرابع من نوفمبر، في وقت لم تكن فيه المجاهرة بالمشاعر أمرًا مألوفًا، حيث أراد أن يمنح المجتمع فرصة للتعبير عن الحب في أبهى صوره، لا كعلاقة رومانسية فقط، بل كمشاعر إنسانية تجمع بين الأصدقاء والأهل والأزواج.
هذه الدعوة حملت في طياتها تغييرًا كبيرًا في نظرة المجتمع للمشاعر، وخصوصًا فيما يتعلق بحرية المرأة في التعبير عنها.
مقالات ناطقة بحقوق المرأة
كان قلم مصطفى أمين منبرًا دائمًا لقضايا المرأة، فكتب كثيرًا عن أهمية تمكينها ومنحها الفرصة للمشاركة في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية.
ناقش قضايا الطلاق، التعليم، العمل، والتحرش في زمن كان فيه التطرق لمثل هذه المواضيع محفوفًا بالمخاطر.
ورغم ذلك، أصر على تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة، مؤمنًا أن بناء مجتمع سليم يبدأ من دعم المرأة ورفع الظلم عنها.
من خلال مبادراته وأفكاره الجريئة، ترك مصطفى أمين بصمة يصعب أن تتكرر، لم تكن إنجازاته مجرد لحظات احتفاء عابرة، بل تحوّلت إلى إرث اجتماعي وثقافي نلمسه حتى اليوم.
فلا يزال "عيد الأم" مناسبة تجمع الأسر المصرية على الحب والعرفان، ولا يزال "عيد الحب" يحمل بصمة الصحفي الذي رأى في المشاعر قوة ناعمة لبناء مجتمع أكثر إنسانية.
كما لا تزال كلماته تلهم المدافعين عن حقوق المرأة في زمن يحتاج فيه إلى أصوات واعية وشجاعة مثل صوته.