في ذكرى وفاته.. عبد الوارث عسر "شيخ الفنانين" الذي خلد اسمه في تاريخ الفن المصري

تحل الذكرى الثالثة والأربعين اليوم السبت 25 يناير لوفاة أحد أعمدة الفن المصري والعربي، الفنان القدير عبد الوارث عسر، الذي يعد رمزًا للإبداع والتميز في زمن الفن الجميل، ومسيرة حافلة بالعطاء امتدت لعقود طويلة، جعلت منه مدرسة متكاملة للأجيال الجديدة في التمثيل والإلقاء والكتابة، حتى لُقب بـ"شيخ الفنانين".
البداية.. من المحاماة إلى الفن
ورغم أنه لم يكن يخطط لدخول عالم الفن، حيث كان يحلم بأن يصبح محاميًا، إلا أن القدر قاده إلى عالم التمثيل، وفي أحد لقاءاته، كشف عبد الوارث عسر أنه اضطر للتخلي عن دراسة الحقوق بسبب ظروف خاصة، ولكنه لم يتخل عن شغفه بالدراسة.
واستثمر وقته في دراسة الأدب العربي وعلم النفس والاجتماع، ما أهّله ليكون ممثلًا مميزًا يتمتع بعمق ثقافي ورؤية مختلفة للشخصيات التي يجسدها.
بصمة مميزة في المسرح والسينما
وانضم عبد الوارث عسر إلى جمعية أنصار التمثيل ثم التحق بفرقة جورج أبيض، التي كانت نقطة انطلاقه في عالم المسرح.
وبدأ يشق طريقه الفني بخطى ثابتة، محاولًا مع صديقيه سليمان نجيب ومحمد كريم النهوض بفن التمثيل والإخراج.
وتميز في أداء أدوار الشخصيات العميقة والمعقدة، وجسد أدوارًا متعددة في أعمال تعد من كلاسيكيات السينما المصرية مثل "شباب امرأة"، "صراع في الوادي"، و"الرسالة".
تجربة فريدة على المسرح
وروى عبد الوارث عسر في لقاء نادر موقفًا أثّر في مسيرته، حين ضحك الجمهور أثناء مشهد درامي له في مسرحية "أوديب".
وأدرك أن المشكلة تكمن في طريقته في تجسيد الشيخوخة، فاستشار طبيبًا لتعلم تفاصيل حركات كبار السن.
وبعد تعديل أدائه وماكياجه، قدم الدور بنجاح كبير في واحدة من أسعد لحظات حياته الفنية، كما وصفها بنفسه.
التدريب.. ورسالة فنية للأجيال
وكان عبد الوارث عسر مدربًا بارعًا، حيث ساهم في تدريب العديد من النجوم الذين أصبحوا من أعلام الفن المصري، مثل سميرة أحمد، نادية لطفي، ماجدة الخطيب، وآمال فريد.
كما ألف كتاب "فن الإلقاء"، الذي يعتبر مرجعًا تعليميًا مهمًا لكل من يدخل مجال التمثيل.
إسهاماته في كتابة السيناريو
ولم تقتصر موهبة عبد الوارث عسر على التمثيل، بل امتدت إلى كتابة السيناريو.
وكان من أبرز أعماله السينمائية فيلم "زينب"، الذي أعده عن رواية محمد حسين هيكل.
وأضاف شخصيات جديدة وأدخل تعديلات جوهرية على القصة الأصلية، مما لاقى إعجاب الجمهور وكاتب الرواية نفسه.
تكريمات مستحقة
ونالت مسيرة عبد الوارث عسر الفنية العديد من التكريمات، أبرزها وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر، ووسام الفنون من الرئيس أنور السادات، وجائزة الدولة التقديرية، كما تم تكريمه بعد وفاته بإصدار طابع بريد يحمل صورته.
حياته الشخصية ونهايته الحزينة
وعلى المستوى الشخصي، كان عبد الوارث عسر مرتبطًا جدًا بزوجته حكمت هانم المكاوي، التي توفيت عام 1979.
وبعد وفاتها أصيب بحالة من الحزن الشديد، ودخل في غيبوبة استمرت ثلاث سنوات حتى وافته المنية في عام 1982.
وترك عبد الوارث عسر إرثًا فنيًا لا ينسى، يتجاوز كونه ممثلًا مبدعًا إلى كونه معلمًا وملهمًا لأجيال من الفنانين.
ومن أبرز أعماله: "البؤساء"، "ولا عزاء للسيدات"، و"أحلام الفتى الطائر" تظل شاهدة على عظمة موهبته، كما أن كتابه "فن الإلقاء" يبقى مصدرًا أساسيًا لتعليم فن التمثيل.