رئيس مجلس الإدارة
محمود إسماعيل
الإشراف العام
أحمد الهواري
رئيس مجلس الإدارة
محمود إسماعيل
الإشراف العام
أحمد الهواري

ذنب "مشوار رمضان" في رقبة مين!

محمد رمضان
محمد رمضان
على غرار أرسطو مخترع نظرية الدراما والبناء الدرامي فإن أي عمل يجب أن يحتوي على عدة نقاط بالترتيب تساهم في قوة هذا البناء وتزيد من إقبال الجمهور عليه.

وذلك بداية من "تمهيد" للأحداث ثم يليه "وسط" يتخلله عرض للأحداث وتفصيل دقائقه، ثم "نهاية" يتواجد بداخلها ذروة هذه الأحداث والحل، وهذا هو الخط الدرامي المتعارف عليه والذي يطبقه أغلب المؤلفين حتى يومنا هذا، فماذا إذا حدث خلل وانهيار لهذا البناء الدرامي في مسلسل ما دون تطبيق أي منهج آخر أو السير بشكل سليم؟
هذا ما رأيناه جميعا بمسلسل "المشوار"، الذي راهن عليه الجميع لتوفر أكثر من عامل للنجاح إلا أن المسلسل لم يحقق نجاحات كثيرة وأصبح هناك نفور من قبل الجمهور من مشاهدته والحديث عنه، فلماذا حدث هذا الملل والبعد عن مشاهدته؟

هذا ما يجعلنا نعيد ما أكدناه في البداية فلم يكن البناء الدرامي للمسلسل مترابطا ومنطقيا ولم يتحقق التجانس بين الموضوع والحجم ولم يتواجد عنصر التعادل بين الشكل والمضمون.

وتلخيصا لهذا فإن البناء الدرامي السليم يعتمد على وجود مقدمة للإحداث ثم فعل يؤدي إلى تصاعد ثم ذروة الأحداث ثم فعل يؤدي إلى تخفيف التصاعد ثم الوصول إلى الحل.

لكن ما ظهر  في مسلسل المشوار هو المقدمة التي نجحت في وجود بها بعض الغموض بداية من الحلقة الأولى في قول ماهر "كل يوم بفتح صفحة الحوادث مستني أشوف الخبر اللي يبل ريقنا"، وتستمر هذه المقدمة في أول ٥ حلقات ليعطي لنا السيناريو جملا أخرى تزيد من هذا الغموض وتكشف حقيقة جديدة كل يوم إلى أن نصل للحقلة العاشرة ويشعر المشاهد وقتها بالملل والمط وكان المط هنا يخلو من الذكاء مؤكدا أن لا وجود أي جديد للإضافة ليس على مستوى السيناريو فقط بل أيضا على مستوى الصورة والصوت. 

أيضا وجود أكثر من خط درامي في المسلسل وليس خطأ واحدا ثم توقف جميع هذه الخطوط فجأة وإصابتها بالشلل وعدم التطور كان من أسباب تشتت الجمهور والابتعاد عن استكمال المسلسل والحديث عنه بل تحول الجدل عليه لعلامات استفهام كثيرة من ردود أفعال الجمهور مستنكرين هذا المط والسخرية من انتظارهم للأحداث القادمة قائلين "ماذا بعد"، فهناك أكثر من ٦ حلقات بالمسلسل لو تم حذفهم لن يتأثر البناء الدرامي بل على العكس سيزيد من قوته لكن عُرف الثلاثين حلقة سيظل يروادنا أبد الضهر حتى ولو كان سيحقق خسارة كبيرة مثلما حدث بمسلسل المشوار. 

فهناك خطوط كثيرة بالمسلسل كهروب ورد وماهر، وخطف رجال وجيه ابن حياة شقيقة ورد، ومحاولة ماهر لبيع الآثار عن طريق إسلام ابن عمه، خيانة ماهر وعزة لورد، لكن دون أي تطور أو إضافة للعمل. 

ويتوقف المسلسل عند الفعل الذي يؤدي إلى التصاعد ويقترب الشهر الكريم من النهاية دون الوصول إلى ذروة الأحداث فهل سيأتي الحل بالنهاية بشكل مفاجئ؟. 

ربما لم يكن اسم المسلسل بعيدا عن محتواه فاحداثه كانت "مشوار" من المط والتطويل الغير مبرر ونحن في انتظار إعادة بناء وهيكل مسلسل المشوار الذي كان من الممكن أن يكون من أنجح المسلسلات في رمضان لكن البناء الدرامي كان له رأي آخر.

ورأينا خلال الفترة الأخيرة أعمال فنية يتم إخراجها عن طريق أكثر من مخرج فيكون هناك مخرج للوحدة الأولى ومخرج للوحدة الثانية، ولا يسبب هذا الأمر أي مشكلات للعمل الفني إذا حافظ الجميع على نفس المنهج والسير بنفس الخطوات، لكن ما حدث بمسلسل المشوار لم يكن بهذا التنظيم.

فكان المخرج محمد ياسين مخرجا للعشر حلقات الأولى فقط ثم بعد ذلك تحول إلى مشرف عام على الإخراج، ثم أصبح المخرج كريم الشناوي مخرجا للوحدة الثانية، وأخرج المخرج محمد شاكر خضير الحلقة الحادية عشر، ثم قدم المخرج تامر عشري الوحدة الثالثة وبعدها قدم المخرج أحمد علاء الديب الوحدة الرابعة، ختاما بالمخرج محمود كريم الذي أخرج الوحدة الخامسة.

وبالطبع سوء التنظيم بينهما ساهم بشكل كبير في فشل المسلسل إخراجيا فالتشتت والملل لم يأتي من قبل السيناريو فقط بل من قبل الإخراج أيضا، ومن يرى المسلسل دون أن يعرف هذه المعلومة سيلاحظ الفروقات وسيشعر بارتياب تجاه الصناعة الفنية التي يقدمها المسلسل، فقديما قالوا "المركب اللي ليها ريسين تغرق" فكيف بالمركب صاحبة الخمس رؤساء؟.

وعلى الرغم من كل هذا كان إنتاج المسلسل ضخما جدا يستطيع أن يوفر كل سبل النجاح لكن تم استغلال هذا الأمر بشكل سلبي وليس إيجابي، فلم نرى أمام هذا الإنتاج الضخم أي إبداع جديد داخل المسلسل، بل قُدم لنا مسلسلا يحمل في طياته الكثير من خيبات الأمل والخذلان من قبل الأبطال اللذين كانوا دائما يتم التسليط عليهم فيتراجع محمد رمضان عملا بعد آخر عن المقدمة ويصبح في آخر "المشوار" الفني هذا العام.