منهم أغنية تنبأت بالنصر قبل عامًا منه.. قصص وحكايات "قوات الفن الموسيقية" فى حرب أكتوبر

بيد أن الفن له دورًا هامًا في المجتمع، لاسيما وقت الأزمات، وخاصة وقت الحروب، إذ كانت قوات جيش مصر الباسلة تحارب في حرب أكتوبر ببسالة لاسترداد أرضها المحتلة، ويحارب الفن بأغنياته وكلماتها، التي بثت روح العزيمة وأشعلت شرارة الحماسة والوطنية في الجنود، والفرحة التي اعترت القلوب في وجدان المصريين، فترنم الجميع بالأغاني الوطنية، وكان سلاح الفن من أهم الأسلحة، لذلك يمكن أن نطلق عليها "قوات الفن الموسيقية".

ولم تنطلق أغاني نصر 1973 بسهولة، فكان لكل منها قصة وكواليس تستحق أن تروى، لذلك يستعرضها لك "وشوشة" في السطور التالية، بمناسبة الذكرى 48 لنصر أكتوبر:

 

أم البطل
مرت الفنانة شريفة فاضل، بحالة من الحزن والأسى، بعدما وقع نجلها شهيدًا في أحداث الحرب، مثل كثيرات من الأمهات المصريات، التي لم يحاربن بأيديهن، لكن بقلوبهن التي انفطرت على ابنائهن، وبعدما استطاعت «شريفة» أن تتخطى حزنها، جسدت تجربتها في أغنية.

فغنت أم الشهيد قائلة "ابني حبيبي يا نور عيني بيضربوا بيك المثل.. كل الحبايب بتهنيني.. طبعًا مانا أم البطل".

 

صباح الخير يا سينا 
على الرغم من الوعكة الصحية التى مر بها العندليب الأسمر في ذلك الوقت؛ إلا أنه أحب ان يغني لمصر أغنية أخرى، وتحيدًا لأرض سينا التي تحررت، فتحدث مع صديقه الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، وكتب له «صباح الخير يا سينا»، ولحنها الموسيقار كمال الطويل.

 

رايات النصر
"رايحين رايحين.. شايلين فى ايدنا السلاح.. راجعين راجعين.. رافعين رايات النصر"، على الرغم من أن هذه الأغنية تتحدث عن نصر أكتوبر ورجوع الجيش الباسل رافعًا رايات النصر، إلا أن المفاجأة أنها كتبت قبل الحرب بعام، أي أن الشاعرة نبيلة قنديل، نظمت كلماتها بالتحديد عام 1972، كي تكون ضمن أحداث فيلم "العصفور"، للمخرج يوسف شاهين. 
وظلت هذه الأغنية حبيسة الأدراج عام كامل، حتى اندلعت الحرب، ونجحنا في خطة العبور، فأهداها المخرج إلى الإذاعة المصرية لإذاعتها، وهي من تلحين علي إسماعيل.

 

وأنا ع الربابة بغني 
بمجرد ذكر اسم أغنية "وأنا ع الربابة بغني"، تتذكر على الفور صوت وردة وهي تترنم بحب مصر، ولكن هذه الأغنية لم تخرج للنور بسهولة، إذ كافح وردة وبليغ حمدي ملحن الأغنية وزوجها في ذلك الوقت ليتمكنا من تسجيل الأغنية. بعدما قهر الجنود المصرية أسطورة خط بارليف الذي اعتبره الإسرائليون أقوى ساتر ترابي لا يمكن عبوره، فرح المصريون فرحة عارمة، وكان من بينهم بالطبع الملحن بليغ حمدي الذي كان يحرص على تحريك وجدان المصريين بألحانه للاعتزاز بمصر وجيشها، فتهللت أساريره بهذا النصر، وتحدث مع صديقه الشاعر عبدالرحيم منصور، الذي نظم على الفور كلمات الأغنية. 
ومن ثم توجه "بليغ" برفقة وردة لتسجيل الأغنية في مبنى الإذاعة؛ إلا أن وجدي الحكيم الذي كان مترأسًا الإذاعة في ذلك الوقت رفض لإجراءات أمنية مشددة، ولم يحبط أو يستسلم الملحن لهذه الإجراءات، بل هدد بتحرير محضرًا للإذاعة، وأمام إصراره وعنده، سُمح له بالدخول، وأعلن عن تكفله بكل الأجور للفرقة الموسيقية، لكنهم ليسوا أقل وطنية منه، إذ أخبروه أنهم مستغنيين عن أي أجر في مقابل فرحة النصر. 
وبالفعل تم تسجيل الأغنية في فجر 7 أكتوبر، وحكى وجدي الحكيم في لقاء بعدها، أن شقيقه كان في الجيش في ذلك الوقت، وبثت الفرحة في قلوب الجنود المصرية وكان لها تأثيرًا في النفوس.

 

عاش اللي قال
أثناء ما كان يطالع العندليب عبدالحليم حافظ الصحف؛ قرأ مقالًا لمحمد حسنين هيكل، فأعجب به، واستوحى منه أغنية "عاش اللي قال"، التي كتبها محمد حمزة، ولحنها أيضًا بليغ حمدي.